1 min read

بين المشي والكتابة

جل ما أعرفه عن الكتابة تعلمته من الجري كل يوم

بهذه الكلمات عنوّن الروائي الياباني هاروكي موراكامي حياته مع الكتابة، فبجانب موهبته في الكتابة الفذّة يكون هاروكي عدّاء مميزاً.

لذلك في حياتي كنت أتعامل مع "المشي" كما لو كان خطة إطفاء للحرائق، أو الضغوطات الفجائية.. في حين أنني أحيانًا أصنف نفسي "كاتباً" إلا أنني أجد أن الكتابة تأتي دائماً كخطة بديلة للمشي، فعند الصدمة الأولى خرجت لأمشي، وعند الفقد الأول مشيت، وعند الخيبة الأولى، والخذلان الأول، حتى أن الدموع الأولى الحقيقية لبعض المواقف تحدّرت أثناء المشي.. وبعد ذلك تأتي الكتابة.

لا أقرأ كثيراً عن فوائد المشي ولستُ حريصاً عليه بشكل كبير، لذلك فالمشي غالباً يكون مرتبط بأفكار مأساوية وذكريات موجعة! وهذا بالطبع تطبيق لمشاعر خاطئة في ممارسة صحية! لكن هذا ما يحدث وعليّ التقبّل.. المشي خاصةً في بيئة مفتوحة.. يعيدني إلى صفاء ذهني آخاذ، لا أنفي أن أهم قراراتي اتخذتها ماشياً أو بعد المشي.. "كاختيار الوجبة بعد المشي مثلا!"

كذلك، معظم الأفكار التي كتبتها، أو "فكرت بها" كانت أثناء المشي.. رغم أنني الجأ للمشي هرباً من الأحداث التراجيدية إلا أنها صنعت أفكاراً وقراراتٍ تاريخية "على المستوى الشخصي وليس للعالم طبعاً" فهذه التدوينة مثلاً التي أعادت إحياء هذه المدونة بعد هجرها شهرين وزيادة! جاءت بعد حصة مشي رائعة في جوٍّ بارد! كذلك عدد من الأفكار على المستوى المهني والشخصي.. والتي بإذن الله سأحاول تطبيقها.

لذلك المشي هو الإلهام الذي يحتاجه الكتّاب والمفكرون وصناع القرار، ليس حبيبةً أو جنيّةً مرافقة.. ولا أحداث دراميّة ولا جلسات عصف ذهني "وهذا رأيي الشخصي ولا أقبل النقاش فيه" فإن الإلهام يأتي نتيجةً لصفاء وشحذ للذهن والعقل.. وبذلك ستكتب سواءً ملحمة درامية، أو كوميدية.. أو مسرحية ثقافية.. كل ما عليك هو أن تزداد ضربات قلبك لتنسج أفكارك وتخرجها بأفضل حلّة.